مصر برغم التحسن الطفيف فى البورصة المصرية مازالت تعانى من أزمة اقتصادية عنيفة وكان الجميع بمن فيهم رئيس وزراء مصر الحالى د.كمال الجنزورى يؤكدون على أن مصر تحتاج الى المساعدات الخارجية وقد أكدت صحيفة نيويورك تايمزهذه الحقيقة عن طريق الباحث في معهد بيترسن للاقتصاد الدولي والمدير السابق لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي محسن خان الذى قال: "ان العديد من اصدقاء مصر لن يتحركوا إلا بعد الموافقة على قرض صندوق النقد الدولي، ومن دونه تكون مصر في مأزق لأن كل شهر يتأخر فيه القرض تصبح حاجات مصر إلى التمويل أكبر بكثير".
وما زال قرض الصندوق قيد الدرس في واشنطن. وإذا كان برنامج التسليف مماثلاً للبرنامج الذي رفضته مصر في البداية فان الصندوق سيركز شروط الاقراض على قضايا اقتصادية عامة مثل النمو والتضخم وعجز الميزانية ، كما قال خان. وأضاف أن صلاح الحكم سيكون ضروريا بالنسبة لحلفاء مصر الآخرين كي يبنوا على اساس قرض الصندوق.
وكانت مجموعة الدول الصناعية الثماني اعلنت في مايو الماضي اقامة شراكة مع مصر وتونس والجامعة العربية لمساعدة انتقالها الى مجتمعات ديمقراطية على غرار التحولات التي شهدتها دول أوروبا الوسطى والشرقية.
ورصدت المجموعة من خلال بنوك تنموية مختلفة نحو 20 مليار دولار حتى نهاية 2013 لدعم جهود بناء الديمقراطية في مصر وتونس على ان يقترن ذلك بتطوير ادارة الدولة والشفافية والمحاسبة ونمو القطاع الخاص.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن سفير الاتحاد الاوروبي السابق في مصر مارك فرانكو ان سياسة الاتحاد الاوروبي بشأن مصر تتمثل في انه "إذا كانت الحكومة تريد ان تفعل المزيد سيكون هناك المزيد من الدعم والتعاون". وأضاف "أن المعونة المالية تدعم الاصلاح السياسي وإذا تعثر الاصلاح السياسي فان المصدر قد يجف".
وتتلقى مصر مساعدات خارجية على شكل منح لبرامج محدَّدة تنفقها وزارة التعاون الدولي على الوجه الذي ترتأيه.
وتشكل المنح عادة اقل من 1 في المئة من اجمالي الناتج المحلي المصري وبالتالي فان العون المالي الحقيقي يأتي من القروض. وتبلغ برامج الإقراض المتاحة حاليا من مؤسسات دولية واقليمية نحو 10.8 مليار دولار.
وهي اموال تحتاجها مصر حاجة ماسة لأن التطورات التي شهدتها بالارتباط مع الثورة وما اعقبها من اعمال عنف دمرت السياحة التي تعتبر مصدرا اساسيا للقطع الأجنبي ، وعطلت قطاعات اقتصادية واسعة بينها صناعة الطاقة والزراعة.
ويقول البنك المركزي المصري إن احتياطات مصر من النقد الأجنبي انخفضت الى 16.4 مليار دولار بحلول نهاية يناير من 35.6 مليار دولار في أوائل 2011.
وإذا استمر استنزاف هذه الاحتياطات بمعدله الحالي البالغ قرابة ملياري دولار في الشهر فان مصر ستكون مهددة بالعجز عن تغطية استيراداتها فترة تزيد على اربعة اشهر، بحسب السفير الاوروبي السابق فرانكو.
واعلن البنك الدولي في 2 فبراير ان مصر طلبت قرضا قيمته مليار دولار في حين قالت وزيرة التعاون الدولي فايزة ابو النجا في يناير ان مصر ستطلب 500 مليون دولار اضافية من بنك التنمية الافريقي.
وكان الاتحاد الاوروبي انفق مليار يورو او 1.3 مليا دولار على شكل منح الى مصر في الفترة من 1998 الى 2008 ، تركزت على التعليم والصحة والماء والطاقة والتجارة وتنمية القطاع الخاص. ومنذ ذلك الحين رصد نحو 150 مليون يورو سنويا لبرامج مماثلة. وقال فرانكو إن هناك تمويلا اضافيا لعام 2012 في حدود 350 مليون يورو. ولكنه أوضح أن طريقة انفاقها تعتمد على مدى وضوح اهداف الحكومة ووضوح ما تقوله للاتحاد الاوروبي بشأن احتياجاتها.
وهناك آلية اوروبية أخرى تسمى المساعدة الماكرو مالية أو ما يتعلق بالمالية العامة وهي آلية يمكن ان تزيد معونات الاتحاد الاوروبي ولكن السفير السابق فرانكو امتنع عن تحديد حجم مثل هذه المساعدة الإضافية. وأشار هيليودور تيمبارونو ارويو المسؤول في وحدة المساعدة الماكرو مالية في المفوضية الاوروبية خلال طاولة مستديرة في القاهرة مؤخرا إلى أن الاتحاد الاوروبي يدرس تقديم 500 مليون يورو لاستكمال قرض صندوق النقد الدولي.
وتعتبر اليابان من اكبر مصادر المنح والقروض لمصر. ومن خلال وكالة التعاون الدولي اليابانية وافقت طوكيو في عام 2006 على منح مصر قرضا قيمته 450 مليون دولار لمساعدتها في بناء متحف مصر الكبير قرب أهرام الجيزة. وبعد تأخيرات متعددة بدأ بناء المتحف في مطلع هذا العام ومن المقرر افتتاحه عام 2015.
كما أقرضت الوكالة اليابانية الحكومة المصرية 70 مليون دولار لبناء مطار جديد في الاسكندرية و175 مليون دولار لمزرعة من طواحين الهواء بهدف استخدام قوة الريح في توليد الكهرباء على خليج السويس. وبحسب الوكالة فان ديون مصر لليابان تبلغ نحو 3 مليارات دولار. وقال رئيس الوكالة نوبوهيرو ايكورو ان اليابان قد تكون مستعدة لتقديم المزيد مشددا هو الآخر على "اهمية الديمقراطية".
ولكن رغم استعداد المجتمع الدولي ورغبته في المساهدة فان موقف مصر كان متقلبا. وفي الأشهر التي أعقبت الثورة رفض المجلس العسكري عروضا متعددة من الخارج.
وبدا أن المجلس يغازل دول الخليج وبلدانا عربية أخرى، ولكن عندما حاولت هذه الدول ان تفرض شروطا سياسية في اطار مساعداتها رفض المجلس العسكري واعاد فتح مفاوضاته مع صندوق النقد الدولي ومؤسسات مالية أخرى، بحسب صحيفة نيوويرك تايمز.
كما تزداد العلاقة مع الولايات المتحدة تعقيدا. إذ أعلنت واشنطن مثلها مثل الاتحاد الاوروبي واليابان انها تريد تسريع وتيرة المساعدات إلى مصر.
واعدت الحكومة الأميركية برنامجا رصدت له 165 مليون دولار بهدف توفير فرص العمل وتقديم منح لتدعيم الديمقراطية من خلال منظمات غير حكومية، علاوة على التمويل المعتاد بتقديم 1.3 مليار دولار سنويا من المساعدات العسكرية و250 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤول كبير في السفارة الاميركية في القاهرة رفض ذكر اسمه "ان الثورة كانت لحظة ملهمة دفعت لاعبين في انحاء العالم الى السعي لأن يكونوا شركاء جيدين في اجواء الروح الجديدة التي أخذت تسود". وأضاف انه "رغم الوضع المالي الصعب الذي نمر به فان هذه الحماسة استطاعت ان تؤمن مصادر اضافية لمصر وبلدان اخرى في المنطقة".
ولكن المساعدات الاميركية كلها تعرضت للخطر بقرار الحكومة المصرية محاكمة 43 شخصا يعملون في منظمات غير حكومية لتدعيم الديمقراطية بينهم 16 اميركيا على الأقل، بتهمة التورط في نشاطات ممنوعة وتلقي تمويلا خارجيا بصورة غير قانونية. وبعد الجلسة الأولى يوم الأحد أُرجئت المحاكمة إلى ابريل.